الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***
رجب: رَجِبَ الرجلُ رَجَباً: فَزِعَ. ورَجِبَ رَجَباً، ورَجَبَ يَرْجُبُ: اسْتَحْيا؛ قال: فَغَيْرُكَ يَسْتَحيِي، وغيرُكَ يَرْجُبُ ورَجِبَ الرجلَ رَجَباً، ورَجَبَه يرجُبُه رَجْباً ورُجُوباً، ورَجَّبه، وتَرَجَّبَه، وأَرْجَبَه، كلُّه: هابَه وعَظَّمه، فهو مَرْجُوبٌ؛ وأَنشد شمر: أَحْمَدُ رَبّي فَرَقاً وأَرْجَبُهْ أَي أُعَظِّمُه، ومنه سمي رَجَبٌ؛ ورَجِبَ، بالكسر، أَكثر؛ قال: إِذا العَجوزُ اسْتَنْخَبَتْ، فانْخَبْها *** ولا تَهَيَّبْها، ولا تَرْجَبْها وهكذا أَنشده ثعلب؛ ورواية يعقوب في الأَلفاظ: ولا تَرَجَّبْها ولا تَهَبْها شمر: رَجِبْتُ الشيءَ: هِبْتُه، ورَجَّبْتُه: عَظَّمْتُه. ورَجَبٌ: شهر سموه بذلك لتعظيمهم إِيَّاه في الجاهلية عن القتالِ فيه، ولا يَسْتَحِلُّون القتالَ فيه؛ وفي الحديث: رَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادَى وشعبانَ؛ قوله: بين جُمادَى وشعبانَ، تأْكيد للبَيانِ وإِيضاحٌ له، لأَنهم كانوا يؤَخرونه من شهر إِلى شهر، فيَتَحَوَّل عن موضعه الذي يَخْتَصُّ به، فبين لهم أَنه الشهر الذي بين جُمادَى وشعبانَ، لا ما كانوا يسمونه على حِساب النَّسِيءِ، وإِنما قيل: رَجَبُ مُضَرَ، إِضافة إِليهم، لأَنهم كانوا أَشدّ تعظيماً له من غيرهم، فكأَنهم اخْتَصُّوا به، والجمع: أَرْجابٌ. تقول: هذا رجب، فإِذا ضَمُّوا له شَعْبانَ، قالوا: رَجَبانِ. والتَّرْجِيبُ: التعظيمُ، وإِن فلاناً لَمُرَجَّبٌ، ومنه تَرْجِيبُ العَتِيرةِ، وهو ذَبحُها في رَجَبٍ. وفي الحديث: هل تَدْرُون ما العَتِيرةُ؟ هي التي يسمونها الرَّجَبِيَّةَ، كانوا يَذْبحون في شهر رَجَبٍ ذَبيحَةً، ويَنْسُبونَها إِليه. والتَّرْجِيبُ: ذَبْحُ النَّسائكِ في رَجَبٍ؛ يقال: هذه أَيامُ تَرْجِيبٍ وتَعْتارٍ. وكانت العربُ تُرَجِّبُ، وكان ذلك لهم نُسُكاً، أَو ذَبائحَ في رَجَبٍ. أَبو عمرو: الرَّاجِبُ المُعَظِّم لسيده؛ ومنه رَجِبَهُ يَرْجَبُه رَجَباً، ورَجَبَهُ يَرْجُبُه رَجْباً ورُجُوباً، ورَجَّبَه تَرْجيباً، وأَرْجَبَه؛ ومنه قول الحُباب: عُذَيْقُها المُرَجَّبُ. قال الأَزهري: أَما أَبو عبيدة والأَصمعي، فإِنهما جَعلاه من الرُّجْبةِ، لا مِن التَّرْجِيبِ الذي هو بمعنى التعظيم؛ وقول أَبي ذُؤَيب: فَشَرَّجَها مِنْ نُطْفةٍ رَجَبِيَّةٍ *** سُلاسِلَةٍ من ماءِ لِصْبٍ سُلاسِلِ يقول: مَزَجَ العَسَلَ بماءِ قَلْتٍ، قد أَبْقاها مَطَرُ رَجَبٍ هُنالك؛ والجمع: أَرْجابٌ ورُجُوبٌ، ورِجابٌ ورَجَباتٌ. والتَّرْجِيبُ: أَنْ تُدْعَمَ الشجرةُ إِذا كَثُرَ حَمْلُها لئلا تَتَكسَّرَ أَغْصانُها. ورَجَّبَ النخلةَ: كانت كريمةً عليه فمالَتْ، فبَنَى تحتَها دُكَّاناً تَعْتَمِد عليه لضَعْفِها؛ والرُّجْبةُ: اسم ذلك الدُّكَّان، والجمع رُجَبٌ، مثل رُكْبةٍ ورُكَبٍ. والرُّجَبِيَّةُ من النخل منسوبة إِليه. ونَخْلَةٌ رُجَبِيَّةٌ ورُجَّبِيَّةٌ: بُنِيَ تحتها رُجْبةٌ، كِلاهُما نَسَبٌ نادِرٌ، والتثقيل أَذهَبُ في الشُّذُوذ. التهذيب: والرُّجْبَةُ والرُّجْمةُ أَن تُعْمَدَ النخلةُ الكريمةُ إِذا خِيفَ عليها أَن تَقَعَ لطُولها وكثرة حَمْلِها، بِبِناء من حِجارة تُرَجَّبُ بها أَي تُعْمَدُ به، ويكون تَرْجِيبُها أَن يُجْعَلَ حَوْلَ النخلة شَوْكٌ، لئلا يَرْقَى فيها راقٍ، فيَجْنِي ثمرها. الأَصمعي: الرُّجْمةُ، بالميم، البناء من الصخر تُعْمَدُ به النخلةُ؛ والرُّجْبةُ أَن تُعمد النخلة بخَشبةٍ ذاتِ شُعْبَتَيْنِ؛ وقد روي بيت سُوَيْدِ بن صامِتٍ بالوجهين جميعاً: ليست بِسَنْهاءٍ، ولا رُجَّبِيَّةٍ *** ولكِنْ عَرايا في السِّنينَ الجَوائِح يَصِفُ نَخْلة بالجَوْدةِ، وأَنها ليس فيها سَنْهاءُ؛ والسنهاءُ: التي أَصابتها السَّنةُ، يعني أَضَرَّ بها الجَدْبُ؛ وقيل: هي التي تحمل سنة وتَترك أُخرى؛ والعَرايا: جمع عَرِيَّةٍ، وهي التي يُوهَبُ ثَمَرُها. والجَوائحُ: السِّنونُ الشِّدادُ التي تُجِيحُ المالَ؛ وقبل هذا البيت: أَدِينُ، وما دَيْنِي عَلَيْكُم بِمَغْرَمٍ *** ولكِنْ عَلى الشُّمِّ الجِلادِ القَراوِحِ أَي إِنما آخُذُ بدَيْنٍ، على أَن أُؤَدِّيَه من مالي وما يَرْزُقُ اللّه من ثَمَرة نَخْلي، ولا أُكلِّفُكم قَضاءَ دَيْني عني. والشُّمُّ: الطِّوالُ. والجِلادُ: الصَّابِراتُ على العَطَشِ والحَرِّ والبَرْدِ. والقَراوِحُ: التي انْجَرَدَ كَرَبُها، واحِدها قِرْواحٌ، وكان الأَصل قَراويحَ، فحَذَفَ الياءَ للضرورة. وقيل: تَرْجِيبُها أَن تُضَمَّ أَعْذاقُها إِلى سَعَفاتِها، ثم تُشَدُّ بالخُوصِ لئلا يَنْفُضَها الرِّيحُ، وقيل: هو أَن يُوضَعَ الشَّوْكُ حَوالي الأَعْذاقِ لئلا يَصِلَ إِليها آكلٌ فلا تُسْرَق، وذلك إِذا كانت غَريبةً طَريفةً، تقول: رَجَّبْتُها تَرْجِيباً. وقال الحُبابُ ابن المُنْذِر: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ، وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ؛ قال يعقوب: التَّرْجِيبُ هنا إِرفادُ النَّخلةِ من جانب، لِيَمْنَعَها من السُّقوط، أَي إِن لي عَشِيرةً تُعَضِّدُني، وتَمْنَعُني، وتُرْفِدُني. والعُذَيْقُ: تصغير عَذْقٍ، بالفتح، وهي النخلة؛ وقد وَرَدَ في حَديث السَّقِيفَةِ: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ، وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ؛ وهو تصغير تعظيم، وقيل: أَراد بالتَّرْجِيبِ التَّعْظِيمَ. ورَجِبَ فلانٌ مولاه أَي عَظَّمَه، ومِنه سمي رَجَبٌ لأَنه كان يُعَظَّم؛ فأَما قول سَلامةَ بن جَنْدَلٍ: والعادِياتُ أَسابِيُّ الدِّماءِ بِها *** كأَنَّ أَعْناقَها أَنْصابُ تَرْجِيبِ فإِنه شَبَّهَ أَعْناقَ الخيل بالنخل المُرَجَّبِ؛ وقيل: شبَّه أَعْناقَها بالحجارة التي تُذْبَح عليها النَّسائِكُ. قال: وهذا يدل على صِحَّةِ قولِ مَن جَعل التَّرجِيبَ دَعْماً للنخلة؛ وقال أَبو عبيد: ُيفَسِّر هذا البيتَ تَفْسيرانِ: أَحدهما أَنت يكون شبَّه انْتِصابَ أَعْناقِها بِجِدارِ تَرْجِيبِ النخل، والآخَرُ أَن يكون أَراد الدِّماءَ التي تُراقُ في رجب. وقال أَبو حنيفة: رُجِّبَ الكَرْمُ: سُوِّيت سُرُوغُه، ووُضِعَ مَواضِعَه مِنَ الدِّعَمِ والقِلالِ. ورَجَبَ العُودُ: خَرج مُنْفَرداً. والرُّجْبُ: ما بين الضِّلَعِ والقَصِّ. والأَرْجابُ: الأَمْعاءُ، وليس لها واحد عند أَبي عبيد، وقال كراع: واحدها رَجَبٌ، بفتح الراءِ والجيم. وقال ابن حمدويه: واحدها رِجْبٌ، بكسر الراءِ وسكون الجيم. والرَّواجِبُ: مَفاصِلُ أُصولِ الأَصابع التي تلي الأَنامل؛ وقيل: هي بَواطِنُ مَفاصِلِ أُصولِ الأَصابِع؛ وقيل: هي قَصَبُ الأَصابع؛ وقيل: هي ظُهُورُ السُّلاميَّات؛ وقيل: هي ما بين البَراجِم من السُّلاميَّات؛ وقيل: هي مَفاصِلُ الأَصابع، واحدتها راجِبةٌ، ثم البَراجِمُ، ثم الأَشاجِعُ اللاتي تلي الكَفَّ. ابن الأَعرابي: الرَّاجِبةُ البُقْعَةُ المَلْساء بينَ البراجِمِ؛ قال: والبراجِمُ المُشَنَّجاتُ في مَفاصِل الأَصابع، في كل إِصْبَعٍ ثَلاثُ بُرْجُماتٍ، إِلاَّ الإِبهامَ. وفي الحديث: أَلا تُنَقُّونَ رواجِبَكم؟ هي ما بين عُقد الأَصابع من داخل، واحدها راجِبةٌ. والبراجِمُ: العُقَد المُتَشَنِّجَةُ في ظاهِر الأَصابعِ. الليث: راجِبةُ الطائِر الإِصْبَعُ التي تلي الدَّائِرةَ مِن الجانبين الوَحْشِيَّيْن من الرِّجْلَيْن؛ وقول صخر الغي: تَمَلَّى بها طُولَ الحياةِ، فَقَرْنُه *** له حَيَدٌ، أَشْرافُها كالرَّواجِبِ شَبَّه ما نتأَ مِنْ قَرْنِه، بما نَتَأَ من أُصُولِ الأَصابع إِذا ضُمَّت الكَفُّ؛ وقال كراع: واحدتها رُجْبةٌ؛ قال: ولا أَدري كيف ذلك، لأَنَّ فُعْلة لا تكسر على فَواعِلَ. أَبو العميثل: رَجَبْتُ فلاناً بقَوْلِ سَيِّئٍ ورَجَمْتُه بمعنى صكَكْتُه. والرَّواجِبُ من الحِمار: عُروقُ مَخارج صَوْتِه، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: طَوَى بَطنَه طُولُ الطِّراد، فأَصْبَحَتْ *** تَقَلْقَلُ، مِنْ طُولِ الطِّرادِ، رَواجِبُهْ والرُّجْبةُ: بناءٌ يُبْنى، يُصَادُ به الذئب وغيره، يوضع فيه لحم، ويُشَدُّ بخَيْط، فإِذا جَذَبه سَقَط عليه الرُّجْبةُ.
رحب: الرُّحْبُ، بالضم: السَّعةُ. رَحُبَ الشيءُ رُحْباً ورَحابةً، فهو رَحْبٌ ورَحِيبٌ ورُحابٌ، وأَرْحَبَ: اتَّسَعَ. وأَرْحَبْتُ الشيءَ: وسَّعْتُه. قال الحَجَّاجُ، حِينَ قَتَلَ ابن القِرِّيَّة: أَرْحِبْ يا غُلامُ جُرْحَه! وقيل للخيل: أَرْحِبْ، وأَرْحِبي أَي تَوَسَّعِي وتَباعَدي وتَنَحِّي؛ زجر لها؛ قال الكميت بن معروف: نُعَلِّمُها: هَبِي، وهَلاَ، وأَرْحِبْ *** وفي أَبْياتِنا ولَنا افْتُلِينا وقالوا: رَحُبَتْ عليكَ وطُلَّتْ أَي رَحُبَتِ البِلادُ عليك وطُلَّتْ. وقال أَبو إِسحق: رَحُبَتْ بِلادُكَ وطُلَّت أَي اتَّسَعَتْ وأَصابَها الطَّلُّ. وفي حديث ابن زِمْلٍ: على طَريقٍ رَحْبٍ أَي واسِعٍ. ورجُل رَحْبُ الصَّدْرِ، ورُحْبُ الصدر، ورحِيبُ الجَوْفِ: واسِعُهما. وفلان رحِيبُ الصَّدْر أَي واسع الصدر؛ وفي حديث ابن عوف، رضي اللّه عنه: قَلِّدوا أَمْرَكُم رَحْب الذِّراع أَي واسِعَ القُوَّةِ عند الشَّدائد. ورَحُبَت الدَّارُ وأَرْحَبَتْ بمعنى أَي اتَّسَعَتْ. وامرأَةٌ رُحابٌ أَي واسِعةٌ. والرَّحْبُ، بالفتح، والرَّحِيبُ: الشيء الواسِعُ، تقول منه: بلد رَحْبٌ، وأَرضٌ رَحْبةٌ؛ الأَزهري: ذهب الفراء إِلى أَنه يقال بَلَدٌ رَحْبٌ، وبِلادٌ رَحْبةٌ، كما يقال بَلَدٌ سَهْلٌ، وبِلادٌ سَهْلة، وقد رَحُبَت تَرْحُبُ، ورَحُبَ يَرْحُبُ رُحْباً ورَحابةً، ورَحِبَتْ رَحَباً؛ قال الأَزهري: وأَرْحَبَتْ، لغة بذلك المعنى. وقِدْرٌ رُحابٌ أَي واسِعةٌ. وقول اللّه، عز وجل: وضاقَتْ عليهم الأَرضُ بما رَحُبَتْ؛ أَي على رُحْبِها وسَعَتها. وفي حديث كَعْب بن مالك: فنحنُ، كما قال اللّه تعالى: وضاقَت عليهم الأَرضُ بما رَحُبَتْ. وأَرضٌ رَحِيبةٌ: واسِعةٌ. ابن الأَعرابي: والرَّحْبةُ ما اتَّسع من الأَرض، وجمعُها رُحَبٌ، مثل قَرْيةٍ وقُرًى؛ قال الأَزهري: وهذا يجيء شاذاً في باب الناقص، فأَما السالم فما سمعت فَعْلةً جُمعت على فُعَلٍ؛ قال: وابن الأَعرابي ثقة، لا يقول إِلا ما قد سَمِعَه. وقولهم في تحية الوارد: أَهْلاً ومَرْحَباً أَيْ صادَفْتَ أَهْلاً ومَرْحَباً. وقالوا: مَرْحَبَك اللّهُ ومَسْهَلَكَ. وقولهم: مَرْحَباً وأَهْلاً أَي أَتَيْتَ سَعةً، وأَتَيْتَ أَهْلاً، فاسْتَأْنِس ولا تَسْتَوْحِشْ. وقال الليث: معنى قول العرب مَرْحَباً: انزل في الرَّحْب والسَّعةِ، وأَقِمْ، فلَكَ عِندنا ذلك. وسئل الخليل عن نصب مَرْحَباً، فقال: فيه كَمِينُ الفِعْل؛ أَراد: به انْزِلْ أَو أَقِمْ، فنُصِب بفعل مضمر، فلما عُرِف معناه المراد به، أُمِيتَ الفِعلُ. قال الأَزهري، وقال غيره، في قولهم مَرْحَباً: أَتَيْتَ أَو لَقِيتَ رُحْباً وسَعةً، لا ضِيقاً؛ وكذلك إِذا قال: سَهْلاً، أَراد: نَزَلْت بلَداً سَهْلاً، لا حَزْناً غَلِيظاً. شمر: سمعت ابن الأَعرابي يقول: مَرْحَبَكَ اللّهُ ومَسْهَلَكَ ! ومَرْحَباً بك اللّهُ؛ ومَسْهَلاً بك اللّهُ ! وتقول العرب: لا مَرْحَباً بك ! أَي لا رَحُبَتْ عليك بلادُك! قال: وهي من المصادر التي تقع في الدُّعاءِ للرجل وعليه، نحو سَقْياً ورَعْياً، وجَدْعاً وعَقْراً؛ يريدون سَقاكَ اللّهُ ورَعاكَ اللّهُ؛ وقال الفراءُ: معناه رَحَّبَ اللّهُ بك مَرْحَباً؛ كأَنه وُضِعَ مَوْضِعَ التَّرْحِيبِ. ورَحَّبَ بالرجل تَرْحِيباً: قال له مَرْحَباً؛ ورَحَّبَ به دعاه إِلى الرَّحْبِ والسَّعَةِ. وفي الحديث: قال لِخُزَيمةَ بن حُكَيْمٍ: مَرْحَباً، أَي لَقِيتَ رَحْباً وسَعةً؛ وقيل: معناه رَحَّبَ اللّهُ بك مَرْحَباً؛ فجعلَ المَرْحَبَ موضع التَّرْحِيب.ورَحَبةُ المسجِد والدارِ، بالتحريك: ساحَتُهما ومُتَّسَعُهما. قال سيبويه: رَحَبةٌ ورِحابٌ، كرَقَبةٍ ورِقابٍ، ورَحَبٌ ورَحَباتٌ. الأَزهري، قال الفراءُ: يقال للصَّحْراءِ بين أَفْنِيَةِ القوم والمَسْجِد: رَحْبةٌ ورَحَبةٌ؛ وسميت الرَّحَبةُ رَحَبةً، لسَعَتِها بما رَحُبَتْ أَي بما اتَّسَعَتْ. يقال: منزل رَحِيبٌ ورَحْبٌ. ورِحابُ الوادِي: مَسايِلُ الماءِ من جانِبَيْه فيه، واحدتها رَحَبةٌ. ورَحَبةُ الثُّمام: مُجْتَمَعُه ومَنْبِتُه. ورَحائبُ التُّخوم: سَعةُ أَقْطارِ الأَرض. والرَّحَبةُ: مَوضِعُ العِنَبِ، بمنزلة الجَرينِ للتَّمر، وكلُّه من الاتساع. وقال أَبو حنيفة: الرَّحْبةُ والرَّحَبةُ، والتثقيل أَكثر: أَرض واسِعةٌ، مِنْباتٌ، مِحْلالٌ. وكلمة شاذة تحكى عن نصر بن سَيَّارٍ: أَرَحُبَكُم الدُّخولُ في طاعةِ ابن الكِرْمانِي أَي أَوَسِعَكم، فعَدَّى فَعُلَ، وليست مُتَعدِّيةً عند النحويين، إِلا أَن أَبا علي الفارسي حكى أَن هذيلاً تعديها إِذا كانت قابلة للتعدّي بمعناها؛ كقوله: ولم تَبْصُرِ العَيْنُ فيها كِلابا قال في الصحاح:لم يجئْ في الصحيح فَعُلَ، بضم العين، متعدياً غير هذا. وأَما المعتل فقد اختلفوا فيه، قال الكسائي: أَصل قُلْتُه قَوُلْتُه، وقال سيبويه: لا يجوز ذلك، لأَنه لا يتعدّى، وليس كذلك طُلْته، أَلا ترى أَنك تقول طويل؟ الأَزهري، قال الليث: هذه كلمة شاذة على فَعُلَ مُجاوِزٌ، وفَعُلَ لا يكون مُجاوِزاً أَبداً. قال الأَزهري: لا يجوز رَحُبَكُم عند النحويين، ونصر ليس بحجة. والرُّحْبَى، على بناءِ فُعْلَى: أَعْرَضُ ضِلَعٍ في الصدرِ، وإِنما يكون الناحِزُ في الرُّحْبَيَيْنِ، وهما مَرْجِعا المِرْفقين. والرُّحْبَيانِ:الضِّلَعانِ اللتان تَلِيانِ الإِبْطَيْنِ في أَعْلَى الأَضْلاع؛ وقيل: هما مَرْجِعا المِرْفقين، واحدهما رُحْبَى. وقيل: الرُّحْبى ما بين مَغْرِز العُنق إِلى مُنْقَطَعِ الشَّراسِيف؛ وقيل: هي ما بين ضِلَعَي أَصل العُنق إِلى مَرْجع الكَتِف. والرُّحْبى: سِمةٌ تَسِمُ بها العرَبُ على جَنْبِ البَعِير. والرُّحَيْباءُ من الفرس: أَعْلَى الكَشْحَيْنِ، وهما رُحَيْباوانِ. الأَزهري: الرُّحْبَى مَنْبِضُ القَلْبِ من الدَّوابِّ والانسانِ أَي مكانُ نَبْض قلبه وخَفَقانِه. ورَحْبةُ مالك بن طَوْقٍ: مَدينةٌ أَحْدَثَها مالكٌ على شاطِئِ الفُراتِ. ورُحابةُ: موضعٌ معروفٌ. ابن شميل: الرِّحابُ في الأَودية، الواحدة رحْبةٌ، وهي مواضع مُتَواطِئةٌ يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ، وهي أَسْرَعُ الأَرض نباتاً، تكون عند مُنْتَهَى الوادِي، وفي وَسَطِه، وقد تكون في المكانِ المُشْرِف، يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ، وما حَوْلَها مُشْرِفٌ عليها، وإِذا كانت في الأَرضِ المُسْتَوِيَةِ نزلَها الناسُ، وإِذا كانت في بطن المَسايِل لم يَنْزلْها الناسُ؛ فإِذا كانت في بطن الوادي، فهي أُقْنَةٌ أَي حُفْرةٌ تُمْسِكُ الماءَ، ليست بالقَعِيرة جِدّاً، وسَعَتُها قَدْرُ غلْوةٍ، والناسُ يَنْزِلُون ناحيةً منها، ولا تكون الرِّحابُ في الرَّمل، وتكون في بطون الأَرضِ، وفي ظَواهِرِها. وبنُو رَحْبةَ: بَطْنٌ مِن حِمْيَر. وبنُو رَحَبٍ: بَطْن من هَمْدانَ. وأَرْحَبُ: قَبِيلَةٌ من هَمْدانَ. وبنُو أَرْحَبَ: بَطْنٌ من هَمْدانَ، إِليهم تُنْسَبُ النَّجائبُ الأَرْحَبِيَّةُ. قال الكميت، شاهداً على القبيلة بني أَرْحَبَ. يَقُولونَ: لَمْ يُورَثْ، ولَوْلا تُراثُه *** لقد شَرِكَتْ فيه بَكِيلٌ وأَرْحَبُ الليث: أَرْحَبُ حَيٌّ، أَو موضع يُنْسَبُ إِليه النَّجائبُ الأَرْحَبِيَّةُ؛ قال الأَزهري: ويحتمل أَن يكون أَرْحَبُ فَحْلاً تُنْسَبُ إِليه النجائب، لأَنها من نَسْلِه. والرَّحِيبُ: الأَكُولُ. ومَرْحَبٌ: اسم. ومَرْحَبٌ: فَرَسُ عبدِاللّه بن عَبْدٍ. والرُّحابةُ: أُطُمٌ بالمدينة؛ وقول النابغة الجعدي: وبعضُ الأَخِلاَّءِ، عِنْدَ البَلا *** ءِ والرُّزْءِ، أَرْوَغُ مِنْ ثَعْلَبِ وكيفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ *** خَلالَتُه كأَبِي مَرْحَبِ؟ أَراد كخَلالَةِ أَبي مَرْحَبٍ، يَعْنِي به الظِّلَّ.
ردب: الإِرْدَبُّ: مِكْيالٌ ضَخْمٌ لأَهلِ مِصْر؛ قيل: يَضُمُّ أَربعةً وعشرين صاعاً؛ قال الأَخطل: قَوْمٌ، إِذا اسْتَنْبَحَ الأَضْيافُ كَلْبَهُمُ *** قالوا لأُمهِم: بُولي على النَّارِ! والخُبزُ كالعَنْبرِ الهِنْدِيِّ عِنْدَهُمُ *** والقَمْحُ سَبْعُونَ إِرْدَبّاً بِدِينارِ! قال الأَصمعي وغيره: البَيْتُ الأَوَّل من هذين البَيْتَيْنِ أَهْجَى بيت قالته العَرَبُ، لأَنه جَمَع ضُرُوباً من الهِجاءِ، لأَنه نَسَبَهم إِلى البُخْل، لكونهم يُطْفِئُون نارَهم مَخافةَ الضِّيفان، وكونِهم يَبْخَلُون بالماءِ فيُعَوِّضُونَ عنه البولَ، وكونِهم يَبْخَلُون بالحَطَبِ فنارُهُمْ ضَعِيفَةٌ يُطْفِئُها بَوْلَة، وكونِ تلكَ البَوْلَة بَوْلَة عَجُوزٍ، وهي أَقلُّ مِن بَوْلَةِ الشابة؛ ووصَفَهم بامْتِهانِ أُمهم، وذلك لِلُؤْمِهِم، وأَنهم لا خَدَمَ لَهم. قال الشيخ أَبو محمد بن بري: قوله الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ ضَخْمٌ لأَهْلِ مِصْر، ليس بصحيح، لأَنَّ الإِرْدَبَّ لا يُكال به، وإِنما يُكالُ بالوَيْبَةِ، والإِرْدَبُّ بها سِتُّ وَيْباتٍ. وفي الحديث: مَنَعَتِ العِراقُ دِرْهَمَها وقَفِيزَها، ومَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّها، وعُدْتُم من حَيْثُ بَدَأْتُمْ. الأَزهري: الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ معروف لأَهْلِ مِصْرَ، يقال إِنه يَأْخُذُ أَرْبَعَةً وعِشرِينَ صاعاً مِن الطَّعامِ بصاعِ النبيِّ، صلى اللّه عليه وسلم؛ والقَنْقَل: نِصفُ الإِرْدَبّ. قال: والإِرْدَبُّ أَربعةٌ وستُّون مَنّاً بمَنِّ بَلَدِنا. ويقال للبالُوعةِ من الخَزَف الواسِعَةِ: إِرْدَبَّة؛ شُبِّهَتْ بالإِرْدَبِّ المكيالِ، وجمع الإِرْدَبِّ: أَرادِبُّ. والإِرْدَبُّ: القَناةُ التي يَجْري فيها الماءُ على وجهِ الأَرضِ. والإِرْدَبَّةُ: القِرْمِيدَةُ. وفي الصحاح: الإِرْدَبَّة القِرْمِيدُ، وهو الآجُرُّ الكبيرُ.
رزب: المِرْزَبَة والإِرْزَبَّة: عُصَيَّة من حديدٍ. والإِرْزَبَّة: التي يُكْسر بها المَدَرُ، فإِن قُلْتَها بالميم، خَفَّفْتَ الباءَ، وقُلْتَ المِرْزَبَة؛ وأَنشد الفراءُ: ضَرْبك بالمِرْزَبَةِ العُودَ النَّخِرْ وفي حديث أَبي جهل: فإِذا رجلٌ أَسودُ يَضْرِبُه بِمِرْزَبةٍ. المِرْزَبة، بالتخفيفِ: المِطْرَقةُ الكبيرةُ التي تكون للحدَّادِ. وفي حديث المَلك: وبيدِه مِرْزَبَة. ويقال لها: الإِرْزَبَّة أَيضاً، بالهمز والتشديدِ. ورجلٌ إِرْزَبٌّ، ملحق بِجِرْدَحْلٍ: قصيرٌ غليظٌ شديدٌ. وفَرْجٌ إِرْزَبٌّ: ضَخْمٌ؛ وكذلك الرَّكَب؛ قال: إِنَّ لها لرَكَباً إِرْزَبَّا *** كأَنه جَبْهَةُ ذَرَّى حبَّا والإِرْزَبُّ: فَرْجُ المرأَةِ، عن كراع، جَعَلَه اسماً له. الجوهري: رَكَبٌ إِرْزَبٌّ أَي ضَخْمٌ؛ قال رؤْبة: كَزّ المُحَيَّا، أُنَّح، إِرْزَبّ ورجل إِرْزَبٌّ: كبيرٌ. قال أَبو العباس: الإِرْزَبُّ العظيم الجسيمُ الأَحْمَق؛ وأَنشد الأَصمعي: كَزّ المُحَيَّا، أُنَّح، إِرْزَبّ والمِرْزابُ: لغة في الميزابِ، وليست بالفصيحة، وأَنْكَرَه أَبو عبيد. والمِرزابُ: السفينة العظيمة، والجمعُ المرازيبُ؛ قال جرير: يَنْهَسْنَ من كلِّ مَخْشِيِّ الرَّدَى قُذُفٍ *** كما تَقاذَف، في اليَمِّ، المَرازيبُ الجوهري: المرازِيبُ السُّفُنُ الطِّوالُ. وأَما المَرازِبةُ من الفُرْسِ فمُعَرَّبٌ، الواحِدُ مَرْزُبانٌ، بضم الزاي. وفي الحديث: أَتيتُ الحِيرَة فرأَيْتُهم يسْجُدون لمَرْزُبانٍ لهم: هو، بضم الزاي، أَحَدُ مَرَازِبة الفُرْسِ، وهو الفارِسُ الشُّجاعُ، المقدّمُ على القَوْمِ دون المَلِك، وهو مُعَرَّب؛ ومنه قولهم للأَسَدِ: مَرْزُبان الزَّأْرَةِ، والأَصل فيه أَحَدُ مَرازِبة الفُرْسِ؛ قال أَوسُ بن حَجَر، في صفَةِ أَسَد: لَيْثٌ، عليه، من البَرْدِيِّ، هِبْرِيةٌ *** كالمَرْزُبانيِّ، عَيَّالٌ بأَوْصالِ قال ابن بري: والهِبْرِيةُ ما سَقَط عليه من أَطْرافِ البَرْدِيِّ؛ ويقال للحَزازِ في الرأْس: هِبْرِية وإِبْرِية. والعَيَّالُ: المُتَبَخْتِرُ في مَشْيِه، ومن رواه: عَيَّارٌ، بالراءِ، فمعناه: أَنه يَذْهَب بأَوْصالِ الرِّجالِ إِلى أَجَمَتِه؛ ومنه قولهم: ما أَدْرِي أَيُّ الرِّجالِ عارَه أَي ذَهَبَ به؛ والمَشهورُ فيمن رواه: عَيَّالٌ، أَن يكون بعدَه بآصالِ، لأَن العَيَّال المُتَبَختر أَي يخرُج العَشِيَّاتِ، وهي الأَصائلُ، متَبَخْتِراً؛ ومن رواه: عَيَّار، بالراءِ، قال الذي بعدَه بأَوْصالِ. والذي ذكره الجوهري عَيَّالٌ بأَوْصالِ، وليس كذلك في شعره، إِنما هو على ما قَدَّمنا ذِكره. قال الجوهري: ورواه المفَضَّل كالمَزبراني، بتقديم الزاي، عَيّارٌ بأَوْصال، بالراءِ، ذهب إِلى زُبْرَةِ الأَسَد، فقال له الأَصْمَعي: يا عَجَباهْ ! الشيءُ يُشَبَّه بنفسِه، وإِنما هو المَرْزُبانيُّ؛ وتقول: فلانٌ على مَرْزَبة كذا، وله مَرْزَبة كذا، كما تقول: له دَهْقَنة كذا. ابن بري: حكي عن الأَصمعي أَنه يقال للرئيس من العجم مَرْزُبان ومَزْبُران، بالراءِ والزاي، قال: فعلى هذا يصحّ ما رواه المُفَضَّل.
رسب: الرُّسُوبُ: الذَّهابُ في الماءِ سُفْلاً. رَسَبَ الشيءُ في الماءِ يَرْسُب رُسُوباً، ورَسُبَ: ذهَبَ سُفلاً. ورَسَبَتْ عَيْناه: غارَتَا. وفي حديث الحسن يَصِفُ أَهلَ النار: إِذا طَفَتْ بهم النارُ، أَرْسَبَتْهُم الأَغْلالُ، أَي إِذا رَفَعَتْهم وأَظْهَرَتْهُم، حَطَّتْهم الأَغْلالُ بثِقَلِها إِلى أَسْفَلِها. وسَيْفٌ رَسَبٌ ورَسُوبٌ: ماضٍ، يَغِيبُ في الضَّريبةِ؛ قال الهذلي: أَبيض كالرَّجْعِ، رَسُوب، إِذا *** ما ثاخَ في مُحْتَفَلٍ، يَخْتَلِي
وكان لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم سَيْفٌ يقال له رَسُوبٌ أَي يَمْضِي في الضَّريبةِ ويَغِيبُ فيها. وكان لخالد بن الوليد سَيْفٌ سَمَّاه مِرْسَباً، وفيه يقول: ضَرَبْتُ بالمِرْسَبِ رأْسَ البِطْريقِ *** بصارِمٍ ذِي هَبَّةٍ فَتِيقِ كأَنه آلةٌ للرُّسوبِ. وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: قُبِّحْت من سالِفةٍ، ومِن قَفا *** عَبْدٍ، إِذا ما رَسَبَ القَوْمُ، طَفَا قال أَبو العباس: معناه أَن الحُلَماءَ إِذا ما تَرَزَّنوا في مَحافِلِهِم، طَفا هو بجَهْلِه، أَي نَزَا بجَهْلِه. والمَرَاسِبُ: الأَواسِي. والرَّسوبُ: الحليم. وفي النوادر: الرَّوْسَبُ والرَّوْسَمُ: الداهِيةُ. والرَّسُوب: الكَمَرة، كأَنها لِمَغيبِها عند الجماعِ. وجَبَل راسِبٌ: ثابتٌ. وبَنُو راسبٍ: حيٌّ من العرب. قال: وفي العربِ حَيَّانِ يُنْسبان إِلى راسبٍ: حيّ في قُضاعة، وحيٌّ في الأَسْد الذين منهم عبداللّه بن وهب الراسبِي.
رشب: التهذيبُ، أَبو عمرو: المَراشِبُ: جَعْوُ رُؤُوسِ الخُروسِ؛ والجَعْوُ: الطينُ، والخُرُوسُ: الدِّنانُ.
رضب: الرُّضابُ: ما يَرْضُبُه الإِنسانُ من رِيقِه كأَنه يَمْتَصُّه، وإِذا قَبَّل جاريَتَه رَضَبَ رِيقَها. وفي الحديث: كأَني أَنْظُر إِلى رُضابِ بُزاقِ رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم. البُزاقُ: ما سالَ؛ والرُّضابُ منه: ما تَحَبَّبَ وانْتَشَر؛ يريد: كأَني أَنْظُر إِلى ما تحَبَّبَ وانْتَشَر من بُزَاقِه، حين تَفَلَ فيه. قال الهرويّ: وإِنما أَضاف في الحديث الرُّضابَ إِلى البُزاقِ، لأَن البُزاقَ من الريقِ ما سالَ. وقد رَضَبَ ريقَها يَرْضُبُه رَضْباً، وتَرَضَّبَه: رَشَفَه. والرُّضابُ: الريقُ؛ وقيل: الريقُ المَرْشُوف؛ وقيل: هو تَقَطُّع الريقِ في الفَمِ، وكثْرةُ ماءِ الأَسنانِ، فعُبِّر عنه بالمَصْدرِ، قال: ولا أَدري كيف هذا؛ وقيل: هو قِطَعُ الريق، قال: ولا أَدري كيف هذا أَيضاً. والمَراضِب: الأَرْياق العذبة. والرُّضَاب: قطَع الثلج والسُّكَّر والبَرَد، قاله عُمارة بن عَقِيل. والرُّضَابُ: لُعَابُ العَسَل، وهو رَغْوته. ورُضَاب المِسْك: قِطَعه. والرُّضابُ: فُتاتُ المِسْكِ؛ قال: وإِذَا تَبْسِمُ، تُبْدِي حَبَباً *** كرُضابِ المِسْكِ بِالمَاءِ الخَصِرْ ورُضابُ الفَمِ: ما تَقَطَّع من رِيقِه. ورُضابُ النَّدَى: ما تَقَطَّع منه على الشَّجَرِ. والرَّضْب: الفِعْل. وماءٌ رُضابٌ: عَذْبٌ؛ قال رُؤْبة: كالنَّحْلِ في المَاءِ الرُّضَابِ، العَذْبِ وقيل: الرُّضابُ هَهنا: البَرْدُ؛ وقوله: كالنَّحْلِ أَي كَعَسَلِ النَّحْل؛ ومثله قول كثير عزة: كاليَهُودِيِّ مِنْ نَطَاةَ الرِّقالِ أَراد: كنَخْلِ اليَهُوديّ؛ أَلا تَرى أَنه قد وَصَفَها بالرِّقَالِ، وهي الطِّوالُ من النَّخْلِ؟ ونَطَاةُ: خَيْبَر بعَيْنِها. ويقال لحَبّ الثَّلْجِ: رُضَاب الثَّلْج وهو البَرَدُ. والرَّاضِبُ من المَطَرِ: السَّحُّ. قال حذيفة بن أَنس يصف ضبعاً في مغارة: خُنَاعَةُ ضَبْعٌ، دَمَّجَتْ في مَغارَةٍ *** وأَدْرَكَها، فِيها، قِطارٌ ورَاضِبُ أَراد: ضَبُعاً، فأَسْكَن الباء؛ ومعنى دَمَّجَتْ، بالجيم: دَخَلَت، ورواه أَبو عمرو دَمَّحَتْ، بالحاءِ، أَي أَكَبَّتْ؛ وخُناعَة: أَبو قَبِيلَة، وهو خُناعَةُ بنُ سَعْدِ بنِ هُذَيل بن مُدْرِكَة. وقد رَضَبَ المَطَر وأَرْضَب؛ قال رؤبة: كأَنَّ مُزْناً مُسْتَهِلَّ الإِرْضَابْ *** رَوَّى قِلاتاً، في ظِلالِ الأَلْصَابْ أَبو عمرو: رَضَبَتِ السَّماءُ وهَضَبَتْ. ومَطَرٌ راضِبٌ أَي هَاطِلٌ. والرَّاضِبُ: ضَرْبٌ من السِّدْرِ، واحدته رَاضِبَة ورَضَبة، فإِنْ صَحَّت رَضَبَة، فَراضِبٌ في جَمِيعِها اسمٌ للجمع. ورَضَبَتِ الشَّاةُ كرَبَضَت، قَلِيلَةٌ.
رطب: الرَّطْبُ، بالفَتْحِ: ضدُّ اليابسِ. والرَّطْبُ: النَّاعِمُ. رَطُبَ، بالضَّمِّ، يَرْطُب رُطوبَةً ورَطابَةً، ورَطِبَ فهو رَطْبٌ ورَطِيبٌ، ورَطَّبْتُه أَنا تَرْطِيباً. وجارِيَةٌ رَطْبَة: رَخْصَة. وغلام رَطْبٌ: فيه لِينُ النساءِ. ويقال للمرْأَةِ: يا رَطَابِ ! تُسَبُّ به. والرُّطُبُ: كلُّ عُودٍ رَطْبٍ، وهو جَمْعُ رَطْبٍ. وغُصنٌ رَطِيبٌ، ورِيشٌ رَطِيبٌ أَي ناعِمٌ. والمَرْطُوبُ: صاحِبُ الرُّطُوبَةِ. وفي الحديث: مَن أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآن رَطْباً أَي لَيِّناً لا شِدَّةَ في صَوْتِ قَارِئِه. والرُّطْبُ والرُّطُبُ: الرِّعْيُ الأَخْضَرُ من بُقُولِ الرَّبِيعِ؛ وفي التهذيب: من البَقْلِ والشجر، وهو اسْمٌ للجِنْسِ. والرُّطْبُ، بالضمِّ، ساكِنَةَ الطاءِ: الكَلأُ؛ ومنه قول ذي الرمة: حَتى إِذا مَعْمَعَانُ الصَّيْفِ هَبَّ لَهُ *** بأَجةٍ، نَشَّ عَنْها المَاءُ والرُّطْبُ وهو مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ، أَراد: هَيْجَ كُلِّ عُودٍ رَطْبٍ، والرُّطْبُ: جَمعُ رَطْبٍ؛ أَراد: ذَوَى كُلُّ عُودٍ رَطْبٍ فَهاجَ. وقال أَبو حنيفة: الرُّطْب جماعة العُشْبِ الرَّطْبِ. وأَرْضٌ مُرْطِبةٌ أَي مُعْشِبَةٌ، كَثِيرةُ الرُّطْبِ والعُشْبِ والكَلإِ. والرَّطْبة: رَوْضَة الفِصْفِصَة ما دامَتْ خَضْراءَ؛ وقيل: هي الفِصْفِصَةُ نَفْسُها، وجمعُها رِطابٌ. ورَطَبَ الدَّابَّة: عَلَفها رَطْبَةً. وفي الصحاح: الرَّطبة، بالفَتْح: القَضْبُ خَاصَّة، ما دامَ طَرِيّاً رَطْباً؛ تقول منه: رَطَبْتُ الفَرَس رَطْباً ورُطوباً، عن أَبي عبيد. وفي الحديث: أَنَّ امرَأَةً قالت: يا رسولَ اللّه، إِنَّا كَلٌّ على آبائِنَا وأَبْنائِنَا، فما يَحِلُّ لَنا منْ أَمْوالِهِمْ؟ فقال: الرَّطْبُ تَأْكُلْنَه وتُهْدِينَه؛ أَراد: مَا لا يُدَّخَر،ولا يَبْقَى كالفواكهِ والبُقول؛ وإِنما خَصَّ الرَّطْبَ لأَنَّ خَطْبَه أَيْسَر، والفسادَ إِليه أَسرَعُ، فإِذا تُرِكَ ولم يُؤْكَلْ، هَلَك ورُمِيَ، بخلافِ اليابس إِذا رُفِعَ وادُّخِرَ، فَوَقَعَتِ المُسامَحة في ذلك بتركِ الاسْتِئْذانِ، وأَن يجري على العادةِ المُسْتحسَنةِ فيه؛ قال: وهذا فيما بين الآباءِ والأُمهاتِ والأَبناءِ، دون الأَزواجِ والزَّوجاتِ، فليس لأَحدِهما أَن يَفعل شيئاً إِلاَّ بإِذنِ صاحبِه. والرُّطَبُ: نَضِيجُ البُسْرِ قبلَ أَنْ يُتْمِر، واحدتُه رُطَبةً. قال سيبويه: ليس رُطَبٌ بتكسيرِ رُطَبةٍ، وإِنما الرُّطَب، كالتَّمْرِ، واحد اللفظ مُذَكَّر؛ يقولون: هذا الرُّطَب، ولو كان تَكْسيراً لأَنثوا. وقال أَبو حنيفة: الرُّطَبُ البُسْرُ إِذا انهَضَم فَلانَ وحَلا؛ وفي الصحاح: الرُّطَبُ من التمر معروفٌ، الواحدة رُطَبة، وجمع الرُّطَبِ أَرْطابٌ ورِطابٌ أَيضاً، مثلُ رُبَعٍ ورِباعٍ، وجمعُ الرُّطَبةِ رُطَباتٌ ورُطَبٌ.ورَطَبَ الرُّطَبُ ورَطُبَ ورَطَّبَ وأَرْطَبَ: حانَ أَوانُ رُطَبِه.وتَمرٌ رَطِيبٌ: مُرْطِبٌ. وأَرْطَبَ البُسْر: صار رُطَباً. وأَرْطَبَتِ النخلة، وأَرْطَبَ القَوْمُ: أَرْطَبَ نَخْلُهم وصار ما عليه رُطَباً. ورَطَبَهم: أَطْعَمَهم الرُّطَب. أَبو عمرو: إِذا بلَغ الرُّطَب اليَبِيس، فوُضِعَ في الجِرارِ، وصُبَّ عليه الماءُ، فذلك الرَّبيطُ؛ فإِنْ صُبَّ عليه الدِّبْسُ، فهو المُصَقَّر. ابن الأَعرابي: يقال للرَّطْبِ: رَطِبَ يَرْطَبُ، ورَطُبَ يَرْطُبُ رُطُوبة؛ ورَطَّبَتِ البُسرة وأَرْطَبَت، فهي مُرَطِّبةٌ ومُرْطِبة. والرَّطْبُ: المُبْتَلُّ بالماءِ. ورَطَّبَ الثوْبَ وَغيرَه وأَرْطَبَه كِلاهما: بَلَّه؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة: بشَرَبَّةٍ دَمِثِ الكَثِيب، بدُوره *** أَرْطَى، يَعُوذُ به، إِذا مَا يُرطَبُ
رعب: الرُّعْبُ والرُّعُبُ: الفَزَع والخَوْفُ. رَعَبَه يَرْعَبُه رُعْباً ورُعُباً، فهو مَرْعُوبٌ ورَعِيبٌ: أَفْزَعَه؛ ولا تَقُلْ: أَرْعَبَه ورَعَّبَه تَرْعِيباً وتَرْعاباً، فَرَعَب رُعْباً، وارْتَعَبَ فهو مُرَعَّبٌ ومُرْتَعِبٌ أَي فَزِعٌ. وفي الحديث: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسيرةَ شَهرٍ؛ كان أَعداءُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قد أَوْقَعَ اللّهُ في قلوبِهمُ الخَوْفَ منه، فإِذا كان بينَه وبينَهم مَسِيرَةُ شَهْرٍ، هابُوه وفَزِعُوا منه؛ وفي حديث الخَنْدَق: إِنَّ الأُولى رَعَّبُوا عَلَيْنا قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ في رواية، بالعين المهملة، ويروى بالغين المعجمة، والمشهورُ بَغَوْا من البَغْيِ، قال: وقد تكرر الرُّعْب في الحديث.والتِّرْعابةُ: الفَرُوقة من كلِّ شيءٍ. والمَرْعَبة: القَفْرة المُخِيفة، وأَن يَثِب الرجُلُ فيَقْعُدَ بجَنْبِكَ، وأَنتَ عنه غافِلٌ، فتَفْزَعَ. ورَعَبَ الحَوْضَ يَرْعَبُه رَعْباً: مَلأَه. ورَعَبَ السَّيْلُ الوادِيَ يَرْعَبُه: مَلأَه، وهُو منه. وسَيْلٌ راعِبٌ: يَمْلأُ الوادِيَ؛ قال مُلَيْحُ بنُ الحَكَم الهُذَلي: بِذِي هَيْدَبٍ، أَيْمَا الرُّبى تحتَ وَدْقِه *** فتَرْوى، وأَيْمَا كلُّ وادٍ فيَرْعَبُ ورَعَبَ: فِعْلٌ مُتَعَدٍّ، وغيرُ متعدٍّ؛ تقول: رَعَبَ الوادي، فهو راعِبٌ إِذا امْتَلأَ بالماءِ؛ ورَعَبَ السَّيْلُ الوادِيَ: إِذا مَلأَهُ، مِثْلُ قَولِهم: نَقَصَ الشيءُ ونَقَصْتُه، فمن رواه: فيَرْعَبُ، بضم لام
كلّ، وفتح ياءِ يَرْعَب، فمعناه فيَمْتَلِئُ؛ ومن رَوَى: فيُرْعَب، بضم الياء، فمعناه فيُمْلأُ؛ وقد رُوِيَ بنصب كلٍّ، على أَن يكونَ مفعولاً مقدَّماً لِيَرْعَبُ، كقولك أَما زيداً فضَرَبْت، وكذلك أَما كلّ وادٍ فيَرْعَب؛ وفي يَرْعَبُ ضميرُ السَّيْلِ والمطَرِ، وروي فيُرْوِي، بضم الياءِ وكسر الواو، بدل قوله فتَرْوَى، فالرُّبى على هذه الرواية في موضع نصب بيُرْوِي، وفي يُرْوي ضميرُ السَّيْل أَو المطَر، ومَن رواه فتَرْوَى رَفَع الرُّبى بالابتداءِ وتَرْوَى خَبره. والرَّعِيبُ: الذي يَقْطُر دَسَماً. ورَعَّبَتِ الحمامةُ: رَفَعَت هَديلَها وشَدَّتْه. والرَّاعِبيُّ: جِنْسٌ من الحَمَامِ. وحَمامةٌ راعِبِيَّة: تُرَعِّبُ في صَوْتِها تَرْعِيباً، وهو شِدّة الصوت، جاءَ على لفظِ النَّسَب، وليس به؛ وقيلَ: هو نَسَبٌ إِلى موضِعٍ، لا أَعرِفُ صِيغة اسمِه. وتقول: إِنه لشَدِيدُ الرَّعْبِ؛ قال رؤبة: ولا أُجِيبُ الرَّعْبَ إِن دُعِيتُ ويُرْوى إِنْ رُقِيتُ. أَراد بالرَّعْب: الوعيد؛ إِن رُقِيتُ، أَي خُدِعْتُ بالوعيدِ، لمْ أَنْقَدْ ولم أَخَفْ. والسَّنامُ المُرَعَّبُ: المُقَطَّع. ورَعَب السَّنامَ وغيرَهُ، يَرْعَبُه، ورَعَّبَه: قَطَعَه. والتِّرعِيبةُ، بالكسر: القِطْعَةُ منه، والجمعُ تِرْعِيبٌ؛ وقيل: التِّرْعِيبُ السنامُ المُقَطَّع شَطَائِبَ مُسْتَطِيلَةً، وهو اسمٌ لا مَصدر. وحكى سيبويه: التِّرْعِيبَ في التَّرعِيبِ، على الإِتباعِ، ولم يَحْفِلْ بالساكِنِ لأَنه حاجِزٌ غيرُ حَصِينٍ. وسَنامٌ رَعِيبٌ أَي مُمْتَلِئٌ سَمِينٌ. وقال شمر: تَرْعِيبُه ارتِجاجُه وسِمَنُه وغِلَظُه، كأَنه يَرْتَجُّ من سِمَنِه. والرُّعْبُوبَة: كالتِّرْعِيبةِ، ويقال: أَطْعَمَنا رُعْبُوبةً من سَنامٍ عندَه، وهو الرُّعْبَبُ. وجاريةٌ رُعْبوبةٌ ورُعْبوبٌ ورِعْبيبٌ: شَطْبة تارَّةٌ، الأَخيرة عن السيرافي من هذا، والجمع الرَّعابِيبُ؛ قال حُمَيْد: رَعابِيبُ بِيضٌ، لا قِصارٌ زَعانِفٌ *** ولا قَمِعات، حُسْنُهُنَّ قَرِيبُ أَي لا تَسْتَحْسِنُها إِذا بَعُدَتْ عَنْك، وإِنما تَسْتَحْسِنُها عند التأَملِ لدَمامَة قامتِها؛ وقيل: هي البيضاءُ الحَسَنةُ، الرَّطْبة الحُلْوة؛ وقيل: هي البيضاءُ فقط؛ وأَنشد الليث: ثُمَّ ظَلِلْنا في شِواءٍ، رُعْبَبُه *** مُلَهْوَجٌ، مِثل الكُشَى نُكَشِّبُهْ وقال اللحياني: هي البيضاءُ الناعمة. ويقال لأَصلِ الطلعة: رُعْبوبة أَيضاً. والرُّعْبُوبة: الطويلة، عن ابن الأَعرابي. وناقة رُعْبوبة ورُعْبوبٌ: خفيفة طَيَّاشة؛ قال عبيد بن الأَبرص: إِذا حَرَّكَتْها الساقُ قلت: نَعامَةٌ *** وإِن زُجِرَتْ، يوماً، فلَيْسَتْ برُعْبُوبِ والرُّعْبوبُ: الضعِيفُ الجبان. والرَّعْب: رُقْيةٌ من السِّحْر، رَعَبَ الرَّاقي يَرْعَب رَعْباً. ورجلٌ رَعَّابٌ: رَقَّاءٌ من ذلك. والأَرْعَبُ: القَصِيرُ، وهو الرَّعيبُ أَيضاً، وجَمْعُه رُعُبٌ ورُعْبٌ؛ قالت امرأَة: إِني لأَهْوَى الأَطْوَلِين الغُلْبَا *** وأُبْغِضُ المُشَيَّبِينَ الرُّعْبا والرَّعْباءُ: موضِعٌ، وليس بثَبَتٍ.
رغب: الرَّغْبُ والرُّغْبُ والرَّغَبُ، والرَّغْبَة والرَّغَبُوتُ، والرُّغْبَى والرَّغْبَى، والرَّغْبَاءُ: الضَّراعة والمسأَلة. وفي حديث الدعاءِ: رَغْبَةً ورَهْبَةً إِلَيْكَ. قال ابن الأَثير: أَعمل لَفْظَ الرَّغْبَة وَحْدَها، ولو أَعْمَلَهُما مَعاً، لقال: رَغْبة إِليكَ ورَهْبة منكَ، ولكن لمَّا جمَعَهُما في النظم، حَمَل أَحدَهما على الآخَرِ؛ كقول الراجز: وزَجَّجْنَ الحَواجِبَ والعُيونا وقول الآخر: مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحاً وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه، قالوا له عند موتِه: جزاكَ اللّهُ خيراً، فعَلْتَ وفَعَلْتَ؛ فقال: راغِبٌ وراهِبٌ؛ يعني: انَّ قولَكم لِي هذا القولَ، إِمَّا قولُ راغِبٍ فيما عندي، أَو راهِبٍ منِّي؛ وقيل: أَراد إِنَّنِي راغِبٌ فيما عندَ اللّه، وراهِبٌ من عذابِه، فلا تَعْويلَ عندي على ما قُلتم من الوصف والإِطْراءِ. ورجل رَغَبُوت: من الرَّغْبَةِ. وقد رَغِبَ إِليه ورَغَّبَه هو، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: إِذا مالَتِ الدُّنْيا على المَرْءِ رَغَّبَتْ *** إِليه، ومالَ الناسُ حيثُ يَمِيلُ وفي الحديث أَن أَسماءَ بنتَ أَبي بكر، رضي اللّه عنهما، قالت: أَتَتْنِي أُمي راغِبةً في العَهْدِ الذي كان بين رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم وبينَ قريشٍ، وهي كافِرة، فسأَلَتْنِي، فسأَلتُ النبيَّ، صلى اللّه عليه وسلم: أَصِلُها؟ فقال: نعم. قال الأَزهري: قولُها أَتَتْنِي أُمي راغِبةً، أَي طائعة، تَسْأَلُ شيئاً. يقال: رَغِبْتُ إِلى فلانٍ في كذا وكذا أَي سأَلتُه إِيَّاه. ورُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال: كيفَ أَنتُم إِذا مَرِجَ الدِّينُ، وظَهَرَتِ الرَّغْبة؟ وقوله: ظَهَرَتِ الرَّغْبةُ أَي كثُر السُّؤال وقَلَّتِ العِفَّة، ومَعْنَى ظُهورِ الرَّغْبة: الحِرْصُ على الجَمْع، مع مَنْعِ الحَقِّ. رَغِبَ يَرْغَبُ رَغْبة إِذا حَرَصَ على الشيءِ، وطَمِعَ فيه. والرَّغْبة: السُّؤالُ والطَّمَع. وأَرْغَبَنِي في الشَّيءِ ورغَّبَنِي، بمعنًى. ورَغَّبَه: أَعْطاه ما رَغِبَ؛ قال ساعدة بنُ جُؤَيَّة: لَقُلْتُ لدَهْري: إِنَّه هو غَزْوَتي *** وإِنِّي، وإِنْ رَغَّبْتَني، غيرُ فاعِلِ والرَّغِيبةُ من العَطاءِ: الكثيرُ، والجمعُ الرَّغائبُ؛ قال النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ: لا تَغْضَبَنَّ على امْرِئٍ في ماله *** وعلى كرائِمِ صُلْبِ مالِكَ، فاغْضَبِ ومَتى تُصِبْكَ خَصاصةٌ، فارْجُ الغِنى *** وإِلى الَّذي يُعْطِي الرَّغائبَ، فارْغَبِ ويقال: إِنه لَوَهُوبٌ لكلِّ رَغِيبةٍ أَي لكلِّ مَرْغُوبٍ فيه. والمَراغِبُ: الأَطْماعُ. والمَراغِبُ: المُضْطَرَباتُ للمَعاشِ. ودَعا اللّهَ رَغْبةً ورُغْبةً، عن ابن الأَعرابي. وفي التنزيل العزيز: يَدْعُونَنا رَغَباً ورَهَباً؛ قال: ويجوز رُغْباً ورُهْباً؛ قال: ولا نعلم أَحَداً قَرَأَ بها، ونُصِبَا على أَنهما مفعولٌ لهما؛ ويجوز فيهما المصدر. ورَغِبَ في الشيءِ رَغْباً ورَغْبةً ورَغْبَى، على قياس سَكْرَى، ورَغَباً بالتحريك: أَراده، فهو راغِبٌ؛ وارْتَغَبَ فيه مثلُه. وتقول: إِليك الرَّغْبَاءُ ومنكَ النَّعْماءُ. وقال يعقوب: الرُغْبَى والرَّغْبَاءُ مثل النُّعْمَى والنَّعْمَاءِ. وفي الحديث أَنَّ ابنَ عُمرَ كان يَزِيدُ في تَلْبِبتِه: والرُّغْبَى إِليكَ والعَمَل. وفي رواية: والرَّغْباءُ بالمدّ، وهما من الرَّغْبة، كالنُّعْمى والنَّعْماءِ من النِّعْمةِ. أَبو زيد: يقال للبَخِيل يُعْطِي من غيرِ طَبْعِ جُودٍ، ولا سَجِيَّةِ كَرَمٍ: رُهْباك خير من رُغْباكَ؛ يقول: فَرَقُه منكَ خيرٌ لك، وأَحْرى أَنْ يُعْطِيَكَ عليه من حُبّه لك. قال ومثَلُ العامَّة في هذا: فَرَقٌ خيرٌ من حُبٍّ. قال أَبو الهيثم: يقول لأَنْ تُرْهَبَ، خيرٌ من أَن يُرْغَبَ فيكَ. قال: وفعلتُ ذلك رُهْباكَ أَي من رَهْبَتِك. قال ويقال: الرُّغْبَى إِلى اللّه تعالى والعملُ أَي الرَّغْبة؛ وأَصَبْتُ منك الرُّغْبَى أَي الرَّغْبة الكَثيرة. وفي حديث ابن عمر: لا تَدَعْ رَكْعَتَيِ الفجر، فإِنَّ فيهما الرَّغائِبَ؛ قال الكلابي: الرَّغائِبُ ما يُرْغَبُ فيه من الثوابِ العظيمِ، يقال: رَغيبة ورَغائِب؛ وقال غيره: هي ما يَرْغَبُ فيه ذو رَغَبِ النفسِ، ورَغَبُ النفسِ سَعَةُ الأَمَلِ وطَلَبُ الكثير؛ ومن ذلك صلاةُ الرَّغائِب، واحدتُها رَغيبةٌ؛ والرَّغيبةُ: الأَمرُ المَرْغوبُ فيه. ورَغِبَ عن الشيءِ: تَرَكَه مُتَعَمّداً، وزَهِدَ فيه ولم يُرِدْهُ. ورَغِبَ بنفسه عنه: رأَى لنفسِه عليه فضلاً. وفي الحديث: إِني لأَرْغَبُ بك عن الأَذانِ. يقال: رَغِبْتُ بفلانٍ عن هذا الأَمرِ إِذا كَرِهْتَه له، وزَهِدتَ له فيه.والرُّغْبُ، بالضم: كثرة الأَكلِ، وشدة النَّهْمة والشَّرَهِ. وفي الحديث: الرُّغْبُ شُؤْمٌ؛ ومعناه الشَّرَه والنَّهْمة، والحِرْصُ على الدنيا، والتَّبَقُّرُ فيها؛ وقيل: سَعَة الأَمَل وطَلَبُ الكثير. وقد رَغُبَ، بالضم، رُغْباً ورُغُباً، فهو رغيب. التهذيب: ورُغْبُ البطنِ كثرةُ الأَكلِ؛ وفي حديث مازنٍ: وكنت امْرَأً بالرُّغْبِ والخَمْرِ مُولَعاً أَي بسَعَةِ البطنِ، وكثرةِ الأَكلِ؛ ورُوِي بالزاي، يعني الجماع؛ قال ابن الأَثير: وفيه نظر. والرَّغابُ، بالفتح: الأَرضُ اللَّيِّنة. وأَرضٌ رَغابٌ ورُغُبٌ: تأْخُذُ الماءَ الكَثيرَ، ولا تَسيلُ إِلاّ من مَطَرٍ كثير؛ وقيل: هي اللينة الواسعة، الدَّمِثةُ. وقد رَغُبَتْ رُغْباً. والرَّغيب: الواسع الجوفِ. ورجلٌ رَغيبُ الجَوْفِ إِذا كان أَكُولاً. وقد رَغُبَ يَرْغُب رَغابةً: يقال: حَوْضٌ رَغيبٌ وسِقاءٌ رَغيبٌ. وقال أَبو حنيفة: وادٍ رَغيبٌ ضَخْمٌ واسِعٌ كثير الأَخذِ للماءِ، ووادٍ زَهيدٌ: قليلُ الأَخْذِ. وقد رَغُبَ رُغْباً ورُغُباً: وكلُّ ما اتَّسَع فقد رَغُبَ رُغْباً. ووادٍ رُغُبٌ: واسعٌ. وطريق رَغِبٌ: كذلك، والجمع رُغُبٌ؛ قال الحطيئة: مُسْتَهْلِكُ الوِرْدِ، كالأُسْتيِّ، قد جَعَلَتْ *** أَيْدي المَطِيِّ به عاديَّةً رُغُبا ويُروى رُكُبا، جمع رَكُوبٍ، وهي الطريقُ التي بها آثارٌ. وتراغَبَ المكانُ إِذا اتَّسَع، فهو مُتَراغبٌ. وحِمْلٌ رَغِيبٌ ومُرْتَغِبٌ: ثقِيلٌ؛ قال ساعدة ابنُ جُؤَيَّة: تَحَوَّبُ قَدْ تَرَى إِنِّي لِحَمْلٍ *** على ما كانَ، مُرْتَغِبٌ، ثَقِيلُ وفَرَسٌ رَغِيبُ الشَّحْوة: كَثيرُ الأَخذِ من الأَرضِ بِقَوائِمِه، والجمعُ رِغَابٌ. وإِبِلٌ رِغابٌ: كَثِيرَةٌ؛ قال لبيد: ويَوْماً مِنَ الدُّهْمِ الرِّغَابِ، كأَنها *** اشَاءٌ دَنا قِنْوانُهُ، أَوْ مَجادِلُ وفي الحديث: أَفْضَلُ الأَعْمالِ مَنْحُ الرِّغابِ؛ قال ابن الأَثير: هي الواسِعَة الدَّرِّ، الكَثيرَةُ النَّفْعِ، جَمْعُ الرَّغِيبِ، وهو الواسِعُ. جَوْفٌ رَغيبٌ: وواد رَغيبٌ. وفي حديث حُذَيْفة: ظَعَنَ بهم أَبو بكر ظَعْنَةً رَغيبةً، ثم ظَعَنَ بهم عمر كذلك أَي ظَعْنَةً واسعةً كثيرةً؛ قال الحربي: هو إِن شاء اللّه تَسْيِير أَبي بكر الناسَ إِلى الشام، وفتحه إِيَّاها بهم، وتَسْيِيرُ عمر إِيَّاهم إِلى العراق، وفتْحُها بهم. وفي حديث أَبي الدَّرْداءِ: بئسَ العَوْنُ عَلى الدِّينِ: قَلْبٌ نَخِيبٌ، وبَطْنٌ رَغِيبٌ. وفي حديث الحجاج لمَّا أَراد قَتْلَ سعيدِ بن جبير: ائتُوني بسيفٍ رَغِيبٍ أَي واسِعِ الحدَّينِ، يأْخُذُ في ضَرْبَتِه كثيراً من المَضْرِب. ورجلٌ مُرْغِبٌ: مَيِّلٌ غَنيٌّ، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: أَلا لا يَغُرَّنَّ امْرَأً مِن سَوامِهِ *** سَوامُ أَخٍ، داني القَرابةِ، مُرْغِبِ شمر: رَجلٌ مُرْغِبٌ أَي مُوسِرٌ، له مالٌ كثيرٌ رَغِيبٌ. والرُّغْبانةُ من النَّعْل: العُقْدَة التي تحتَ الشِّسْع. وراغِبٌ ورُغَيْبٌ ورَغْبانُ: أَسْماء. ورَغباء: بِئرٌ معروفة؛ قال كثَيّر عزة: إِذا وَرَدَتْ رَغْباءَ، في يومِ وِرْدِها *** قَلُوصِي، دَعَا إِعْطاشَه وتَبَلَّدَا والمِرْغابُ: نَهْر بالبَصْرة. ومَرْغابِينُ: موضعٌ، وفي التهذيب: اسم لنَهْرٍ بالبَصْرة.
رقب: في أَسماءِ اللّه تعالى: الرَّقِيبُ: وهو الحافظُ الذي لا يَغيبُ عنه شيءٌ؛ فَعِيلٌ بمعنى فاعل. وفي الحديث: ارْقُبُوا مُحَمَّداً في أَهل بيته أَي احفَظُوه فيهم. وفي الحديث: ما مِن نَبيٍّ إِلاَّ أُعْطِيَ سبعةَ نُجَباءَ رُقَباءَ أَي حَفَظَة يكونون معه. والرَّقيبُ: الحَفِيظُ. ورَقَبَه يَرْقُبُه رِقْبةً ورِقْباناً، بالكسر فيهما، ورُقُوباً، وترَقَّبَه، وارْتَقَبَه: انْتَظَرَه ورَصَدَه. والتَّرَقُّبُ: الانتظار، وكذلك الارْتِقابُ. وقوله تعالى: ولم تَرْقُبْ قَوْلي؛ معناه لم تَنتَظِرْ قولي. والتَّرَقُّبُ: تَنَظُّرُ وتَوَقُّعُ شيءٍ. ورَقِيبُ الجَيْشِ: طَلِيعَتُهم. ورَقِيبُ الرجُلِ: خَلَفُه من ولدِه أَو عَشِيرتِه. والرَّقِيبُ: المُنْتَظِرُ. وارْتَقَبَ: أَشْرَفَ وعَلا. والمَرْقَبُ والمَرْقَبةُ: الموضعُ المُشْرِفُ، يَرْتَفِعُ عليه الرَّقِيبُ، وما أَوْفَيْتَ عليه من عَلَمٍ أَو رابِيةٍ لتَنْظُر من بُعْدٍ.وارْتَقَبَ المكانُ: عَلا وأَشْرَف؛ قال: بالجِدِّ حيثُ ارْتَقَبَتْ مَعْزاؤُه أَي أَشْرَفَتْ؛ الجِدُّ هنا: الجَدَدُ من الأَرض. شمر: المَرْقَبة هي المَنْظَرةُ في رأْسِ جبلٍ أَو حِصْنٍ، وجَمْعه مَراقِبُ. وقال أَبو عمرو: المَراقِبُ: ما ارتَفَعَ من الأَرض؛ وأَنشد: ومَرْقَبةٍ كالزُّجِّ، أَشْرَفْتُ رأْسَها *** أُقَلِّبُ طَرْفي في فَضاءِ عَريضِ ورَقَبَ الشيءَ يَرْقُبُه، وراقَبَه مُراقَبةً ورِقاباً: حَرَسَه، حكاه ابن الأَعرابي، وأَنشد: يُراقِبُ النَّجْمَ رِقابَ الحُوتِ يَصِفُ رَفِيقاً له، يقول: يَرْتَقِبُ النَّجْمَ حِرْصاً على الرَّحِيلِ كحِرْصِ الحُوتِ على الماءِ؛ ينظر النَّجْمَ حِرْصاً على طُلوعِه، حتى يَطْلُع فيَرْتَحِلَ. والرِّقْبةُ: التَّحَفُّظُ والفَرَقُ. ورَقِيبُ القومِ: حارِسُهم، وهو الذي يُشْرِفُ على مَرْقَبةٍ ليَحْرُسَهم. والرَّقِيبُ: الحارِسُ الحافِظُ. والرَّقَّابةُ: الرجُل الوَغْدُ، الذي يَرْقُب للقوم رَحْلَهم، إِذا غابُوا. والرَّقِيبُ: المُوَكَّل بالضَّريبِ. ورَقِيبُ القِداحِ: الأَمِينُ على الضَّريبِ؛ وقيل: هو أَمِينُ أَصحابِ المَيْسِرِ؛ قال كعب بن زهير: لها خَلْفَ أَذْنابِها أَزْمَلٌ *** مكانَ الرَّقِيبِ من الياسِرِينا وقيل: هو الرجُلُ الذي يَقُومُ خَلْفَ الحُرْضَة في المَيْسِرِ، ومعناه كلِّه سواءٌ، والجمعُ رُقَباءُ. التهذيب، ويقال: الرَّقِيبُ اسمُ السَّهْمِ الثالِثِ من قِدَاحِ المَيْسِرِ؛ وأَنشد: كَمَقَاعِدِ الرُّقَباءِ للضُّ *** رَباءِ، أَيْديهِمْ نَواهِدْ قال اللحياني: وفيه ثلاثةُ فُروضٍ، وله غُنْمُ ثلاثةِ أَنْصِباء إِن فَازَ، وعليه غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِباءَ إِن لم يَفُزْ. وفي حديث حَفْرِ زَمْزَم: فغارَ سَهْمُ اللّهِ ذي الرَّقِيبِ؛ الرَّقِيبُ: الثالِثُ من سِهام الميسر. والرَّقِيبُ: النَّجْمُ الذي في المَشْرِق، يُراقِبُ الغارِبَ. ومنازِلُ القمرِ، كل واحدٍ منها رَقِيبٌ لِصاحِبِه، كُلَّما طَلَع منها واحِدٌ سقَطَ آخر، مثل الثُّرَيَّا، رَقِيبُها الإِكلِيلُ إِذا طَلَعَتِ الثُّرَيَّا عِشاءً غَابَ الإِكليلُ وإِذا طَلَع الإِكليلُ عِشاءً غابَت الثُّرَيَّا. ورَقِيبُ النَّجْمِ: الذي يَغِيبُ بِطُلُوعِه، مثل الثُّرَيَّا رَقِيبُها الإِكليلُ؛ وأَنشد الفراء: أَحَقّاً، عبادَ اللّهِ، أَنْ لَسْتُ لاقِياً *** بُثَيْنَةَ، أَو يَلْقَى الثُّرَيَّا رَقِيبُها؟ وقال المنذري: سمعت أَبا الهيثم يقول: الإِكليلُ رَأْسُ العَقْرَبِ. ويقال: إِنَّ رَقِيبَ الثُرَيَّا من الأَنْواءِ الإِكليلُ، لأَنه لا يَطْلُع أَبداً حتى تَغِيبَ؛ كما أَنَّ الغَفْرَ رَقِيبُ الشَّرَطَيْنِ، لا يَطْلُع الغَفْرُ حتى يَغِيبَ الشَّرَطانِ؛ وكما أَن الزُّبانيَيْن رَقِيبُ البُطَيْنِ، لا يَطْلُع أَحدُهما إلا بِسُقُوطِ صاحِبِه وغَيْبُوبَتِه، فلا يَلْقَى أَحدُهما صاحبَه؛ وكذلك الشَّوْلَةُ رَقِيبُ الهَقْعَةِ، والنَّعائِمُ رَقِيبُ الهَنْعَةِ، والبَلْدَة رَقِيبُ الذِّرَاعِ. وإِنما قيلَ للعَيُّوق: رَقِيبُ الثُّرَيَّا، تَشْبِيهاً برَقِيبِ المَيْسِرِ؛ ولذلك قال أَبو ذؤيب: فوَرَدْنَ، والعَيُّوقُ مَقْعَد رابئِ الضُّ *** رَباءِ، خَلْفَ النَّجْمِ، لا يَتَتَلَّع النَّجْمُ ههنا: الثُّرَيَّا، اسمٌ عَلَم غالِبٌ. والرَّقِيب: نَجْمٌ من نُجومِ المَطَرِ، يُراقبُ نَجْماً آخَر. وراقبَ اللّهَ تعالى في أَمرِهِ أَي خافَه. وابنُ الرَّقِيبِ: فَرَسُ الزِّبْرقانِ بن بَدْرٍ، كأَنه كان يُراقِبُ الخَيْلَ أَن تَسْبِقَه. والرُّقْبى: أَن يُعْطِيَ الإِنسانُ لإِنسانٍ داراً أَو أَرْضاً، فأَيهما ماتَ، رَجَعَ ذلك المالُ إِلى وَرَثَتِهِ؛ وهي من المُراقَبَة، سُمِّيَتْ بذلك لأَن كلَّ واحدٍ منهما يُراقِبُ مَوْتَ صاحبِه. وقيل: الرُّقْبَى: أَن تَجْعَلَ المَنْزِلَ لفُلانٍ يَسْكُنُه، فإِن ماتَ، سكَنه فلانٌ، فكلُّ واحدٍ منهما يَرْقُب مَوْتَ صاحبِه. وقد أَرْقَبه الرُّقْبَى، وقال اللحياني: أَرْقَبَه الدارَ: جَعَلَها لَه رُقْبَى، ولِعَقبِه بعده بمنزلةِ الوقفِ. وفي الصحاح: أَرْقَبْتُه داراً أَو أَرضاً إِذا أَعطيتَه إِياها فكانت للباقي مِنْكُما؛ وقُلْتَ: إِن مُتُّ قَبْلَك، فهي لك، وإِن مُتَّ قَبْلِي، فهي لِي؛ والاسمُ الرُّقْبى. وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم في العُمْرَى والرُّقْبَى: انها لمن أُعْمِرَها، ولمن أُرْقِبَها، ولوَرَثَتِهِما من بعدِهِما. قال أَبو عبيد: حدثني ابنُ عُلَيَّة، عن حَجَّاج، أَنه سأَل أَبا الزُّبَيْرِ عن الرُّقْبَى، فقال: هو أَن يقول الرجل للرجل، وقد وَهَبَ له داراً: إِنْ مُتَّ قَبْلِي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِن مُتُّ قَبْلَك فهي لك. قال أَبو عبيد: وأَصلُ الرُّقْبَى من المُراقَبَة، كأَنَّ كلَّ واحدٍ منهما، إِنما يَرْقُبُ موت صاحِبِه؛ أَلا ترى أَنه يقول: إِنْ مُتَّ قَبْلي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِنْ مُتُّ قَبْلَك فهي لك؟ فهذا يُنْبِئك عن المُراقَبة. قال: والذي كانوا يُريدون من هذا أَن يكون الرَّجُلُ يُريدُ أَنْ يَتَفَضَّل على صاحِبِه بالشيءِ، فَيَسْتَمْتِعَ به ما دامَ حَيّاً، فإِذا ماتَ الموهوبُ له، لم يَصِلْ إِلى وَرَثَتِهِ منه شيءٌ، فجاءَتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بنَقْضِ ذلك، أَنه مَنْ مَلَك شيئاً حَيَاتَه، فهُو لوَرَثَتِهِ من بَعْدِه. قال ابن الأَثير: وهي فُعْلى من المُراقَبَةِ. والفُقهاءُ فيها مُختَلِفون: منهم مَنْ يَجْعَلُها تَمْلِيكاً، ومنهم مَنْ يَجْعَلُها كالعارِيَّة؛ قال: وجاء في هذا الباب آثارٌ كثيرةٌ، وهي أَصْلٌ لكُلِّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً، واشترط فيها شرطاً أَنَّ الهِبَة جائزةٌ، وأَنَّ الشرط باطِلٌ. ويقال: أَرْقَبْتُ فلاناً داراً، وأَعْمَرْتُه داراً إِذا أَعْطَيْته إِيَّاها بهذا الشرط، فهو مُرْقَب، وأَنا مُرْقِبٌ. ويقال: وَرِثَ فلانٌ مالاً عن رِقْبَةٍ أَي عن كلالةٍ، لم يَرِثْهُ عن آبائِه؛ وَوَرِثَ مَجْداً عن رِقْبَةٍ إِذا لم يكن آباؤُهُ أَمْجاداً؛ قال الكميت: كان السَّدَى والنَّدى مَجْداً ومَكْرُمَةً *** تلك المَكارِمُ لم يُورَثْنَ عن رِقَبِ أَي وَرِثَها عن دُنًى فدُنًى من آبائِهِ، ولم يَرِثْهَا من وراءُ وَراءُ. والمُراقَبَة، في عَرُوضِ المُضارِعِ والمُقْتَضَبِ، أَن يكون الجُزْءُ مَرَّةً مَفاعِيلُ ومرَّة مفاعِلُنْ؛ سمي بذلك لأَن آخرَ السَّببِ الذي في آخِرِ الجزءِ، وهو النُّونُ من مَفاعِيلُن، لا يثبت مع آخِر السَّببِ الذي قَبْلَه، وهو الياءُ في مَفاعِيلُن، وليست بمعاقَبَةٍ، لأَنَّ المُراقَبَة لا يَثْبُت فيها الجزآن المُتراقِبانِ، وإِنما هو من المُراقَبَة المُتَقَدّمة الذِّكْر، والمُعاقَبة يَجْتمعُ فيها المُتعاقِبانِ. التهذيب، الليث: المُراقَبَة في آخِرِ الشِّعْرِ عند التَّجْزِئَة بين حَرْفَيْنِ، وهو أَن يَسْقُط أَحدهما، ويَثْبُتَ الآخَرُ، ولا يَسْقُطانِ مَعاً، ولا يَثْبُتان جَمِيعاً، وهو في مَفَاعِيلُن التي للمُضارع لا يجوز أَن يتمَّ، إِنما هو مَفاعِيلُ أَو مَفاعِلُنْ.
والرَّقِيبُ: ضَرْبٌ من الحَيَّاتِ، كأَنه يَرْقُب مَن يَعَضُّ؛ وفي التهذيب: ضَرْبٌ من الحَيَّاتِ خَبيث، والجمعُ رُقُبٌ ورقِيباتٌ. والرَّقِيب والرَّقُوبُ مِنَ النِّساءِ: التي تُراقِبُ بَعْلَها لِيَمُوت، فَتَرِثَه. والرَّقُوبُ مِنَ الإِبِل: التي لا تَدْنُو إِلى الحوضِ من الزِّحامِ، وذلك لكَرَمِها، سُميت بذلك، لأَنها تَرْقبُ الإِبِلَ، فإِذا فَرَغْنَ من شُرْبِهنّ، شَربَت هي. والرَّقُوبُ من الإِبل والنِّساءِ: التي لا يَبْقَى لها وَلَدٌ؛ قال عبيد: لأَنها شَيْخَةٌ رَقُوبُ وقيل: هي التي ماتَ وَلَدُها، وكذلك الرجُل؛ قال الشاعر: فلم يَرَ خَلْقٌ قَبْلَنا مثلَ أُمنا *** ولا كَأَبِينا عاشَ، وهو رَقُوبُ وفي الحديث أَنه قال: ما تَعُدُّون الرَّقُوبَ فيكم؟ قالوا: الذي لا يَبْقى لَه وَلَد؛ قال: بل الرَّقُوبُ الذي لم يُقَدِّم من وَلَدِهِ شيئاً. قال أَبو عبيد: وكذلك معناه في كلامِهِم، إِنما هو عَلى فَقْدِ الأَوْلادِ؛ قال صخر الغيّ: فَمَا إِنْ وَجْدُ مِقْلاتٍ، رَقُوبٍ *** بوَاحِدِها، إِذا يَغْزُو، تُضِيفُ قال أَبو عبيد: فكان مَذْهَبُه عندهم على مَصائِب الدنيا، فَجَعَلها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على فَقْدِهِم في الآخرة؛ وليس هذا بخلافِ ذلك في المعنى، ولكنه تحويلُ الموضع إِلى غيرِه، نحو حديثه الآخر: إِنَّ المَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دينَه؛ وليس هذا أَن يكونَ من سُلِبَ مالَه، ليس بمحْروبٍ. قال ابن الأَثير: الرَّقُوبُ في اللغة: الرجل والمرأَة إِذا لم يَعِشْ لهما ولد، لأَنه يَرْقُب مَوْتَه ويَرْصُدُه خَوفاً عليه، فنَقَلَه النبيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، إِلى الذي لم يُقَدِّم من الولد شيئاً أَي يموتُ قبله تعريفاً، لأَن الأَجرَ والثوابَ لمن قَدَّم شيئاً من الولد، وأَن الاعتِدادَ به أَعظم، والنَّفْعَ به أَكثر، وأَنَّ فقدَهم، وإِن كان في الدنيا عظيماً، فإِنَّ فَقْدَ الأَجرِ والثوابِ على الصبرِ، والتسليم للقضاءِ في الآخرة، أَعظم، وأَنَّ المسلم وَلَدُه في الحقيقة من قَدَّمه واحْتَسَبَه، ومن لم يُرزَق ذلك، فهو كالذي لا وَلدَ له؛ ولم يقله صلى الله عليه وسلم إِبطالاً لتفسيره اللغوي، إِنما هو كقولِه: إِنما المَحْروبُ مَن حُرِبَ دينَه، ليس على أَن من أُخِذَ مالُه غيرُ مَحْروبٍ. والرَّقَبَةُ: العُنُقُ؛ وقيل: أَعلاها؛ وقيل: مُؤَخَّر أَصْلِ العُنُقِ، والجمعُ رَقَبٌ ورَقَباتٌ، ورِقابٌ وأَرْقُبٌ، الأَخيرة على طَرْح الزائِدِ؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد: تَرِدْ بنا، في سَمَلٍ لم يَنْضُبِ *** منها، عِرَضْناتٌ، عِظامُ الأَرْقُبِ وجعلَه أَبو ذُؤَيْب للنحلِ، فقال: تَظَلُّ، على الثَّمْراءِ، منها جَوارِسٌ *** مَراضيعُ، صُهْبُ الريشِ، زُغْبٌ رِقابُها والرَّقَب: غِلَظُ الرَّقَبة، رَقِبَ رَقَباً. وهو أَرْقَب: بَيِّنَ الرَّقَب أَي غليظُ الرَّقَبة، ورَقَبانيٌّ أَيضاً على غير قياسٍ. والأَرْقَبُ والرَّقَبانيُّ: الغليظُ الرَّقَبَة؛ قال سيبويه: هو من نادِرِ مَعْدُولِ النَّسَب، والعَربُ تُلَقِّبُ العَجَمَ بِرِقابِ المَزاوِد لأَنهم حُمْرٌ. ويقال للأَمَةِ الرَّقَبانِيَّةِ: رَقْباءُ لا تُنْعَتُ به الحُرَّة. وقال ابن دريد: يقال رجلٌ رَقَبانٌ ورَقَبانيٌّ أَيضاً، ولا يقال للمرأَة رَقَبانِيَّة. والمُرَقَّبُ: الجلدُ الذي سُلِخَ من قِبَلِ رَأْسِه ورَقَبتِه؛ قال سيبويه: وإِنْ سَمَّيْتَ بِرَقَبة، لم تُضِفْ إِليه إِلاَّ على القياسِ. ورَقَبَه: طَرَحَ الحَبْلَ في رَقَبَتِه. والرَّقَبةُ: المملوك. وأَعْتَقَ رَقَبةً أَي نَسَمَةً. وفَكَّ رقَبةً: أَطْلَق أَسيراً، سُمِّيت الجملة باسمِ العُضْوِ لشرفِها. التهذيب: وقوله تعالى في آية الصدقات: والمُؤَلَّفةِ قلوبُهم وفي الرقابِ؛ قال أَهل التفسير في الرقابِ إِنهم المُكاتَبون، ولا يُبْتَدَأُ منه مملوك فيُعْتَقَ. وفي حديث قَسْم الصَّدَقاتِ: وفي الرِّقابِ، يريدُ المُكاتَبين من العبيد، يُعْطَوْنَ نَصِيباً من الزكاةِ، يَفُكون بهِ رِقابَهم، ويَدفعونه إِلى مَوالِيهم. الليث يقال: أَعتق اللّهُ رَقَبَتَه، ولا يقال: أَعْتَقَ اللّه عُنُقَه. وفي الحديث: كأَنما أَعْتَقَ رَقَبةً. قال ابن الأَثير: وقد تكَرَّرَتِ الأَحاديث في ذكر الرَّقَبة، وعِتْقِها وتحريرِها وفَكِّها، وهي في الأَصل العُنُق، فجُعِلَتْ كِنايةً عن جميع ذاتِ الإِنسانِ، تَسْمية للشيءِ ببعضِه، فإِذا قال: أَعْتِقْ رَقَبةً، فكأَنه قال: أَعْتِقْ عبداً أَو أَمَة؛ ومنه قولُهم: دَيْنُه في رَقَبَتِه. وفي حديث ابنِ سِيرين: لَنا رِقابُ الأَرضِ، أَي نَفْس الأَرضِ، يعني ما كان من أَرضِ الخَراجِ فهو للمسلمين، ليس لأَصحابهِ الذين كانوا فيه قَبْلَ الإِسلامِ شيءٌ، لأَنها فُتِحَتْ عَنْوَةً. وفي حديث بِلالٍ: والرَّكائِب المُناخَة، لكَ رِقابُهُنَّ وما عليهِنَّ أَي ذَواتُهنَّ وأَحمالُهنّ. وفي حديث الخَيْلِ: ثم لمْ يَنْسَ حَقَّ اللّه في رِقابِها وظُهورِها؛ أَراد بحَقِّ رِقابِها الإِحْسانَ إِليها، وبحَقِّ ظُهورِها الحَمْلَ عليها. وذُو الرُّقَيْبة: أَحدُ شُعراءِ العرب، وهو لَقَب مالِكٍ القُشَيْرِيِّ، لأَنه كان أَوْقَصَ، وهو الذي أَسَرَ حاجبَ بن زُرارة يَوْمَ جَبَلَة. والأَشْعَرُ الرَّقَبانيُّ: لَقَبُ رجلٍ من فُرْسانِ العَرَب. وفي حديث عُيَينة بنِ حِصْنٍ ذِكْرُ ذي الرَّقِيبة وهو، بفتح الراءِ وكسرِ القافِ، جَبَل بخَيْبَر.
|